حيث أني مرشد سياحي مصري أجيد اللغة الإنجليزية والهولندية والفلمنكية فقد قضيت ثلث عمري أعمل بالسياحة ، وعملي مختص بمصاحبة الأجانب من هولندا وبلجيكا وكل الناطقين بالإنجليزية في رحلات سياحية داخل مصر من شمالها إلي جنوبها ومن شرقها إلي غريها .
وتعلمت في الجامعة إن السياحة أنواع ، فمنها سياحة دينية كالحج والعمرة ، وسياحة ثقافية وهي التي أقوم بعملها ، وسياحة استجمام واستشفاء ، وسياحة تجارية وهكذا ، وكان عملي في منطقة الأهرامات يبدأ من الصباح إلي قبل غروب الشمس ، وكنت أشرح تاريخ الأهرامات والسبب من بناءها ، وأحيانا اضطر آلي الدخول داخل الهرم لمزيد من الشرح للزبائن ولكن هذا حدث مرة واحدة فقط لكل هرم أثناء النهار ولم تتكرر مرة أخري لما في ذلك من معاناة شديدة .
وكنت اسمع عن مجموعات من المرضي الأجانب اللذين مازالوا يعتقدون في قوة الهرم السحرية في الشفاء ويأتون آلي الهرم لممارسة الطقوس في داخلة ، وكان هذا الأمر يشغلني جدا و يجعلني اشعر بالغثيان لأن هناك حتى الآن وفي القرن الحادي والعشرين من لا يزال يؤمن بهذه الخرافات .
وفي يوم من الأيام رن التليفون وكان علي الجانب الآخر أحد شركات السياحة تطلب خدماتي كمرشد وتطلب مني الحضور آلي مقرها ، وكان هذا المعتاد في عمل المرشد حيث انه غير مرتبط بعقد عمل ثابت مع أي شركة من شركات السياحة وطبيعة عمله مهن حرة وبالبلدي راجل ارزقي يستوي مع الطبيب والمهندس الذين يمارسون أعمالهم من مكاتبهم أو عياداتهم الخاصة ، وكان العمل الذي يتفق عليه مع شركه السياحة هو يومية أو نصف يومية أو أسبوع رحلة نيلية في الصعيد ، وكم كانت دهشتي أن الشركة لا تتحدث عن أي من ذلك ولكن كانت تطلب خبرتي كمرشد لمدة ليلة واحده داخل الهرم مع مجموعة من السياح الأمريكان المرضي والمؤمنين بالقوة الشفائية للهرم ، وكانت هذه الليلة إحدى ليالي الشتاء الباردة وكانت أيضا ليلة أول يوم من رمضان .
أطرقت برهة أتفكر في هذا العرض فلم أواجه في حياتي بمثل هذا الطلب من شركه أبدا ، ولكني قبلت هذا العرض بدافع الفضول ومعرفة ماذا يفعلون داخل الهرم ، هل هي صلوات أم سحر أم جنس أم غناء ، كل ذلك دار في رأسي وأنا في طريقي آلي بيتي أفكر واعد نفسي لهذا العمل الفريد من نوعه .
ي امرأة زنجية أمريكية الجنسية ، وفي تمام الثانية عشرة مساءا كنا ، أنا و المجموعة ندلف داخل الهرم الأكبر ، وعند ذلك طلبت قائدة المجموعة من المشرفين علي الهرم إطفاء الأنوار بعد عشرة دقائق من دخولنا ، وتحركنا داخل الهرم آلي أسفل حيث تقع حجرة الدفن الأولى للهرم و هي تقع علي بعد 60 متر عمقا ، وعند وصولنا آلي هذه الغرفة تم إطفاء الأنوار ، و طلبت منا هذه المرأة خلع الأحذية والجلوس في حلقة وان يمسك كل منا بيد الآخر .وجلست أنا معهم أمسكت بيدي اليمين بيد الجالس عن يميني و أمسكت بيدي اليسار بيد الجالس علي يساري ، ولدهشتي الشديدة بدءوا في الهمس والنداء معا بصوت خافت وبدأ يعلوا رويدا رويدا حتى صار صريخا عنيفا ، وكانوا ينادون آلهة مصر القديمة : اوزيريس ، إيزيس ، نفتيس ، بتاح ، آمون رع ..... الخ ، وكان من المستحيل علي أن أشاركهم في لغوهم هذا وكان أيضا من المستحيل أن اتركهم وأعود من حيث أتيت .
ولك أن تتخيل يا سيدي قوم يجلسون في مقبرة عمرها حوالي أربعة آلاف وستمائة عام وفي ظلام دامس ويصرخون وينادون آلهة من عصور سحيقة ، تخيل مدي الرعب الذي كنت فيه ولكني تماسكت وقررت أن ألجاء إلى الخالق فهو المنجي وهو السميع البصير ، وفي هذا الجو الجنوني بدأت في ترتيل ما أحفظ من آيات الذكر الحكيم ، وطبعا كان ترتيلي لا يسمع من أحد الا من رب العالمين سبحانه وتعالي .
وبعد أن انتهوا من وصلتهم الجنونية هذه أخذنا الأحذية طاعة لقائدة المجموعة وتسللنا نصعد الدرج إلى أعلا حيث وصلنا إلى مدخل الهرم الذي دخلنا منه ، ثم دلفنا نصعد إلى أعلا في دهاليز لا تكاد تقيم ظهرك فيها ، ووصلنا إلى مقبرة أخري يقال أنها مقبرة الملكة أو غرفة الملكة ، وهناك جلسنا في حلقة و في وسط الحلقة شمعة وبعض الكريستالات ، وعند تمام جلوس المجموعة أطفأت قائدة المجموعة الشمعة فأصبحنا في ظلام دامس ، وبدأ القوم في ترتيلهم لأسماء الآ لهه مرة أخري وهم ممسكون بأيدي بعضهم البعض و أنا استمريت في ترتيل القرآن الكريم سرا .
وعند تمام عملهم في هذه الغرفة خرجنا منها صاعدين إلى اعلي غرفة في الهرم وهي غرفة الدفن للملك خوفو والتي تحتوي علي تابوت الدفن الحجري للملك .
وكانت الطقوس كالتالي :
أولا : قامت قائدة المجموعة بإرقاد كل فرد فينا في هذا التابوت لمدة حوالي خمس دقائق .ثانيا : رقد أفراد المجموعة علي ظهرهم علي هيئة دائرة أرجلهم تتقابل في منتصف الدائرة .
ثالثا : عملية تنويم مغنطيسي تتم عن طريق الإسراع بالتنفس .
عندما أرقدتني قائدة المجموعة في تابوت الملك خوفو لم أشعر بأي خوف وحملقت أثناء رقادي إلى السماء فوجدت شيئا عجيبا حقا ، فالبر غم من أن الحجرة كانت مظلمة ظلاما شديدا إلا أني وجدت فوقي ستارة من لمبات زرقاء تومض وتنطفئ بالتتابع ، ولأول وهلة ظننت أني احلم ولكنها كانت الحقيقة أنه كان فوقي ستارة من لمبات زرقاء كالسماء الصحو تومض وتنطفئ علي التتابع .
وعندما رقدنا جميعا عدا قائدة المجموعة طبعا وأرجلنا متقابلة في منتصف الدائرة حيث وضعت الكريستالات والشمعة المشتعلة ، قامت هي بإطفاء الشمعة وطلبت منا التنفس ببطء خمسة عشرة مرة في الدقيقة ثم ظلت تزيد عدد مرات التنفس في الدقيقة الواحدة حتى علي صوت تنفس الجميع واصبح صريخا ثم هدأ الجو تماما بحيث لا تسمع أي صوت علي الإطلاق ، ثم طلبت قائدة المجموعة منهم أن ينظروا أمامهم و دلتهم علي أن أمامهم حجرة فليفتحوها وينظروا فيها ثم يخرجوا إلي رواق ثم إلي ..... حتى طلبت منهم الصحيان وبدأت تسأل كل واحد منهم عما رأي في الحلم .
ولم يكن لي أن أتابع هذه المرأة المريضة فيما تقول أو تأمر به فكنت سرا أتظاهر بالنوم معهم والاستيقاظ معهم ، وعندما سألتني عما رأيت في حلمي فاخترعت لها أي قصة لأثبت لها أنني كنت مطيعا لها .
وكانت الساعة قد بلغت السادسة صباحا فأضاء نور الهرم من الداخل وطلبت منها الأذن للانصراف , انصرفت إلي حال سبيلي وأنا أرتعش من البرد ومن الانفعال داعيا الله علي ألا يؤاخذني علي ما فعلت وكنت صائما يومها بدون سحور .
وفي اليوم التالي توجهت إلي شركة السياحة كي أحصل علي أجري عن هذه الليلة وكانت المفاجأة التي كانت تنتظرني تقرير من هذه المرأة تطلب فيه عدم استخدامي مرة أخرى لمصاحبة مجموعاتها والسبب هو أنني كنت اصدر إشعاعات تعطل السحر الذي كانت تفعله ، وقلت سبحان الله أن كلام الله الذي كنت أرتله ولم تكن هي تسمعه له قوة جبارة لها نور يبطل عمل الساحر والحمد لله رب العالمين .
